تخيلات - هو

استدعوه هو بالذات لعلاقته السابقة بهؤلاء الناس فقد عمل معهم متخفيا من قبل. ليسوا ارهابيين فهم علي قدر اعلي من التنظيم و لديهم اهداف محددة تخدمهم و تخدم عملائهم. استدعوه سريعا فالوضع لا يحتمل التأخير فالاخبار بدأت بالانتشار و بدء الذعر يصيب المدينة و تتنبأ الاوضاع بمصيبة كبيرة. رسميا هو ليس له وجود لذلك ﻻ يوجد دعم بل لضيق الوقت و انتشار قوات الشرطة حول المجمع لم يستطيعوا بتزويده بالأسلحة او المعدات اللازمة.

المجمع ما هو الا مخزن كبير من ثلاثة ادوار مقسمين الي غرف و طرقات..لا توجد اضاءة كافية فقد قطعت الشرطة الكهرباء عن الحي بأكمله في محاولة ساذجة منهم لارغام من يعتقدون انهم مجرد ارهابيين من المبني..فحرارة الصيف ﻻ تحتمل بدون وجود تهوية او اجهزة تبريد كما ان الظلام سيخيم علي المكان في بضع ساعات. لقد نسوا ان الارهابيين كما يعتقدون هم اتخذوا عدد كبير من الرهائن بداخل المجمع..عدد قد يختنق حتي الموت او قد يقتلهم الارهابيين عندما يشعروا باليأس او الخوف.

فريقه مكون من شخصه بالاضافة الي اثنان اخران استطاعوا جميعهم ان يتسللوا بداخل المجمع كلا من مكان مختلف علي ان يتجمعوا بالداخل في مكان محدد لم يتفقوا علي مكانه قفل ان يتفرقوا. علي الرغم من وجود اعداد ليست بالهينة من المدنيين بالداخل بالاضافة الي "الارهابيين" اﻻ ان المكان يسوده صوت الموت كما لو ان الحياة سحبت علي غفلة من داخله...من الصعب تخيل صوت الموت و من الصعب استحماله لكنه و فريقه كما لو كانوا قد اعتادوا هذه البيئة. يمشطون كل غرفة بحثا عن مدنيين او اي اثار قد تساعدهم في معرفة ما هم بصدده و لكن لا شئ. الوضع طبيعي اكثر من اللازم بدرجة تجلعه غير طبيعي. يلمح احد اعضاء الفريق حركة في غرفة موازية فأشار له بما يفيد وجود حركة و في جزء من الثانية تمركزوا حول الباب المؤدي للغرفة و بتفحص متخفت استطاع ان يتأكد ان جميع من بالداخل ليسوا مسلحيين و تبدوا عليهم مظاهر الخوف في اشارة الي انهم مدنيين مختبئين.

يتشبث الخائف بأي نقطة أمل حتي و لو كانت ضئيلة. حتي ولو كانت ثلاث اشخاص غير مسلحيين يقنعوهم بأنهم قادريين علي إخراجهم بامان. يتحول ذلك الأمل الي دفعة قوية من الادرينالين تجعل الانسان قادر علي تخطي ما سيواجهه. و هو يعرف ذلك جيدا لذلك طلب منهم جميعا ان يتسلحوا بأي شئ يجدوه امامهم فمعظم الادوات اليومية تصبح ان تكون سلاحا فتاكا اذا استخدم بطريقة صحيحة.

جلبة تقترب و كأن جيش قادم باتجاههم. نظرة سريعا تكشف ان خمسة مسلحين يقودون عدد كبير من الرهائن. يمشطون المجمع غرفة غرفة و يقبضون علي من استطاع اثناء السيطرة علي المجمع ان يختبئ بعيدا. هو يعرف احد المسلحيين. كانت النظرة السريعة كافية الي ان يتعرف عليه حتي من تلك المسافة البعيدة فمنذ ان تلقي الاتصال صباح ذلك اليوم قد استرجع من ذكريات كل ما يتعلق بتلك المجموعة و ظلت تدور في عقله ثانية بثانية. طلب من الجميع الاختباء والا يتحركوا حتي يشير لهم..نظرة سريعة الي فريقه تتبعها هزة رأس بالايجاب كما لو كانوا يتواصلون بالتخاطر. يخرج بإتجاه المسلحين و هو يجر احدي رجليه و يمسك رقبته و يشير اليهم...خدعة بسيطة ربما لم تكن لتنجح لولا تذكر احد المسلحين لهذا الوجه. وجه يعرفه جيدا و كان يعتمد عليه في وقت من الاوقات و بدون مساعدته ربما لم يكن ليقف في مكانه هذا اليوم. تلقائيا تسارعت خطواته ليسند من يعتبره صديقا و في نفس لحظة وصوله اليه تهاوي هو مثقلا نفسه و هو يتمتم بكلام غير مفهوم مدعوم بحشرجة قوية كما لو ان احدهم قد عصر احباله الصوتية ليتعقدوا مصدرين نشاذ غير مفهوم. ثقله و تهاويه ساعدا من اتمام الفخ فقد تخلي الخمس مسلحيين عن سلاحهم ليساعدوا في حمله و ربما يستطيع احدهم ترجمة تلك الكلمات. لم ينتبهوا الي الخياليين الذان كانا  يتحركا خلفهم..نظرة واحدة الي اي من الرهائن كانت ستكشف لهم وجود شئ غير طبيعي و لكنهم كانوا مشغولون في محاولة معرفة ماذا حدث له وماذا يحاول ان يقول لهم ربما في اخر لحظات حياته.

حتي الرهائن لا يعرفوا ماذا حدث..فبالرغم من وقوفهم قريبا لكن كل شئ كان قد انتهي في اجزاء من الثانية ليجدوا الخمسة المسلحين علي الارض ﻻ يتحركون و من كان يحتضر امامهم واقفا ينادي علي اشباح لتظهر تلك الاشباح في سرعة خاطفة من مسافة و باقترابهم تتعالي التنهيدات و الصرخات المكتومة التي تعلن عن علاقات مغمورة بين كلا الفريقين..اصدقاء, عشاق, و زمايل.

يفتش هو المسلحين الصرعي و يخرج من جيب احدهم علبة سجائر ما ان وقعت عينه عليها حتي لمعت فهو لم يدخن ذلك النوع منذ كان وسط تلك المجموعة. اخرج سيجارة و قذف بالعلبة لعضو من فريقه و اشعلها ليسحب نفسا و يزفره بابتسامة تدل علي الاستمتاع لم تزداد اﻻ عندما وقعت عينيه علي الاسلحة التي باتت بحوذته هو و فريقه الان.

Comments

Popular posts from this blog

تخيلات - عبيد

لو كنت تعرفني بجد